> صفة قامته و طوله:
>
> عن أنس رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
ربعة
>من القوم (أي مربوع القامة)، ليس بالطويل البائن ولا بالقصير، وكان إلى
الطول
>أقرب. وقد ورد عند البيهقي وابن عساكر أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن
يماشي
>أحداً من الناس إلا طاله، ولربما اكتنفه الرجلان الطويلان فيطولهما فإذا
>فارقاه نسب إلى الربعة، وكان إذا جلس يكون كتفه أعلى من الجالس. فكان صلى
الله
>عليه وسلم حسن الجسم، معتدل الخلق ومتناسب الأعضاء.
>
> صفة عرقه:
>
> عن أنس رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
أزهر
>اللون كأن عرقه اللؤلؤ (أي كان صافياً أبيضاً مثل اللؤلؤ). وقال أيضاً:
(ما
>شممت عنبراً قط ولا مسكاً أطيب من ريح رسول الله صلى الله عليه وسلم).
أخرجه
>البخاري ومسلم واللفظ له. وعن أنس أيضاً قال: (دخل علينا رسول الله صلى
الله
>عليه وسلم فقال (أي نام) عندنا، فعرق وجاءت أمي بقارورة فجعلت تسلت
العرق،
>فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا أم سليم ما هذا الذي تصنعين؟
قالت:
>عرق نجعله في طيبنا وهو أطيب الطيب). رواه مسلم، وفيه دليل أن الصحابة
كانوا
>يتبركون بآثار النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أقر الرسول صلى الله عليه
وسلم
>أم سليم على ذلك. وكان صلى الله عليه وسلم إذا صافحه الرجل وجد ريحه (أي
تبقى
>رائحة النبي صلى الله عليه وسلم على يد الرجل الذي صافحه)، وإذا وضع يده
على
>رأس صبي، فيظل
>
> يومه يعرف من بين الصبيان بريحه على رأسه.
>
> ما جاء في اعتدال خلقه صلى الله عليه وسلم:
>
> قال هند بن أبي هالة رضي الله عنه: (كان رسول الله صلى الله
عليه
>وسلم معتدل الخلق، بادن متماسك، سواء البطن والصدر). أخرجه الطبراني
والترمذي
>في الشمائل والبغوي في شرح السنة وابن سعد وغيرهم. وقال البراء بن عازب
رضي
>الله عنه: (كان رسول الله أحسن الناس وجهاً وأحسنهم خلقاً). أخرجه
البخاري
>ومسلم.
>
> الرسول المبارك صلى الله عليه وسلم بوصفٍ شامل:
>
> يروى أن الرسول صلى الله عليه وسلم وأبا بكر رضي الله عنه
ومولاه
>ودليلهما، خرجوا من مكة ومروا على خيمة امرأة عجوز تسمى (أم معبد)، كانت
تجلس
>قرب الخيمة تسقي وتطعم، فسألوها لحماً وتمراً ليشتروا منها، فلم يجدوا
عندها
>شيئاً. فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شاة في جانب الخيمة، وكان
قد
>نفد زادهم وجاعوا. وسأل النبي صلى الله عليه وسلم أم معبد: ما هذه الشاة
يا أم
>معبد؟ قالت: شاة خلفها الجهد والضعف عن الغنم. فقال رسول الله صلى الله
عليه
>وسلم: هل بها من لبن؟ قالت: بأبي أنت وأمي، إن رأيت بها حلباً فاحلبها،
فدعا
>النبي صلى الله عليه وسلم الشاة، ومسح بيده ضرعها، وسمى الله جل ثناؤه ثم
دعا
>لأم معبد في شاتها حتى فتحت الشاة رجليها، ودرت. فدعا بإناء كبير، فحلب
فيه
>حتى امتلأ، ثم سقى المرأة حتى رويت، وسقى أصحابه حتى رووا (أي شبعوا)، ثم
شرب
>آخرهم، ثم
>
> حلب في الإناء مرة ثانية حتى ملأ الإناء، ثم تركه عندها
وارتحلوا
>عنها. وبعد قليل أتى زوج المرأة (أبو معبد) يسوق عنزاً يتمايلن من الضعف،
فرأى
>اللبن، فقال لزوجته: من أين لك هذا اللبن يا أم معبد والشاة عازب (أي
الغنم)
>ولا حلوب في البيت!، فقالت: لا والله، إنه مر بنا رجل مبارك من حاله كذا
وكذا،
>فقال أبو معبد: صفيه لي يا أم معبد، فقالت: رأيت رجلاً ظاهر الوضاءة،
أبلج
>الوجه (أي مشرق الوجه)، لم تعبه نحلة (أي نحول الجسم) ولم تزر به صقلة
(أنه
>ليس بناحلٍ ولا سمين)، وسيمٌ قسيم (أي حسن وضيء)، في عينيه دعج (أي
سواد)، وفي
>أشفاره وطف (طويل شعر العين)، وفي صوته صحل (بحة وحسن)، وفي عنقه سطع
(طول)،
>وفي لحيته كثاثة (كثرة شعر)، أزج أقرن (حاجباه طويلان ومقوسان ومتصلان)،
إن
>صمت فعليه الوقار، وإن تكلم سما وعلاه البهاء، أجمل الناس وأبهاهم من
بعيد،
>وأجلاهم وأحسنهم من قريب، حلو المنطق، فصل لا تذر ولا هذر (كلامه بين وسط
ليس
>بالقليل ولا بالكثير)، كأن منطقه خرزات نظم يتحدرن، ربعة (ليس بالطويل
البائن
>ولا بالقصير)، لا يأس من طول، ولا تقتحمه عين من قصر، غصن بين غصين، فهو
أنضر
>الثلاثة منظراً، وأحسنهم قدراً، له رفقاء
>
> يحفون به، إن قال أنصتوا لقوله، وإن أمر تبادروا لأمره،
محشود
>محفود (أي عنده جماعة من أصحابه يطيعونه)، لا عابس ولا مفند (غير عابس
الوجه،
>وكلامه خالٍ من الخرافة)، فقال أبو معبد: هو والله صاحب قريش الذي ذكر
لنا من
>أمره ما ذكر بمكة، ولقد هممت أن أصحبه، ولأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلا.
وأصبح
>صوت بمكة عالياً يسمعه الناس، ولا يدرون من صاحبه وهو يقول: جزى الله رب
الناس
>خير جزائه رفيقين قالا خيمتي أم معبد. هما نزلاها بالهدى واهتدت به فقد
فاز من
>أمسى رفيق محمد. حديث حسن قوي أخرجه الحاكم وصححه، ووافقه الذهبي. وعن
جابر بن
>سمرة رضي الله عنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة
إضحيان،
>وعليه حلة حمراء، فجعلت أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى
القمر،
>فإذا هو عندي أحسن من القمر). (إضحيان هي الليلة المقمرة من أولها إلى
آخرها).
>وما أحسن ما قيل في وصف الرسول صلى الله عليه وسلم: وأبيض يستسقى الغمام
بوجهه
>ثمال اليتامى عصمة للأرامل. (ثمال: مطعم، عصمة: مانع من ظلمهم).
>
> ما جاء في حسن النبي صلى الله عليه وسلم:
>
> لقد وصف بأنه كان مشرباً حمرة وقد صدق من نعته بذلك، ولكن
إنما
>كان المشرب منه حمرة ما ضحا للشمس والرياح، فقد كان بياضه من ذلك قد أشرب
>حمرة، وما تحت الثياب فهو الأبيض الأزهر لا يشك فيه أحد ممن وصفه بأنه
أبيض
>أزهر. يعرف رضاه وغضبه وسروره في وجهه وكان لا يغضب إلا لله، كان إذا رضى
أو
>سر إستنار وجهه فكأن وجهه المرآة، وإذا غضب تلون وجهه واحمرت عيناه. فعن
عائشة
>رضي الله عنها قالت: (استعرت من حفصة بنت رواحة إبرة كنت أخيط بها ثوب
رسول
>الله صلى الله عليه وسلم فطلبتها فلم أقدر عليها، فدخل رسول الله صلى
الله
>عليه وسلم فتبينت الإبرة لشعاع وجهه). أخرجه ابن عساكر والأصبهاني في
الدلائل
>والديلمي في مسند الفردوس كما في الجامع الكبير للسيوطي.
>
> في ختام هذا العرض لبعض صفات الرسول الكريم صلى الله عليه
وسلم
>الخلقية التي هي أكثر من أن يحيط بها كتاب لا بد من الإشارة إلى أن تمام
>الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم هو الإيمان بأن الله سبحانه وتعالى
خلق
>بدنه الشريف في غاية الحسن والكمال على وجه لم يظهر لآدمي مثله.
>
> رحم الله حسان بن مثبت رضي الله عنه إذ قال:
>
> خلقت مبرءاً من كل عيب ... كأنك قد خلقت كما تشاء
>
> ويرحم الله القائل:
>
> فهو الذي تم معناه وصورته ... ثم اصطفاه حبيباً باريء النسم
>
> فتنزه عن شريك في محاسنه ... فجوهر الحسن فيه غير منقسم
>
> وقيل في شأنه صلى الله عليه وسلم أيضاً:
>
> بلغ العلى بكماله كشف الدجى بجماله
>
> حسنت جميع خصاله صلوا عليه وآله
>
> ورحم الله ابن الفارض حيث قال:
>
> وعلى تفنن واصف يفنى الزمان وفيه ما لم يوصف
>
> مـسألة:
>
> من المعلوم أن النسوة قطعت أيديهم لما رأين يوسف عليه السلام
إذ
>إنه عليه السلام أوتي شطر الحسن، فلماذا لم يحصل مثل هذا الأمر مع النبي
صلى
>الله عليه وسلم؟ هل يا ترى سبب ذلك أن يوسف عليه السلام كان يفوق الرسول
صلى
>الله عليه وسلم حسناً وجمالاً؟
>
> الجواب:
>
> صحيح أن يوسف عليه السلام أوتي شطر الحسن ولكنه مع ذلك ما
فاق
>جماله جمال وحسن النبي صلى الله عليه وسلم. فلقد نال سيدنا محمد صلى الله
عليه
>وسلم صفات كمال البشر جميعاً خلقاً وخلقاً، فهو أجمل الناس وأكرمهم
وأشجعهم
>على الإطلاق وأذكاهم وأحلمهم وأعلمهم... إلخ هذا من جهة، ومن جهة أخرى
وكما مر
>معنا سابقاً أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلوه الوقار والهيبة من
عظمة
>النور الذي كلله الله تعالى به، فكان الصحابة إذا جلسوا مع النبي صلى
الله
>عليه وسلم كأن على رؤوسهم الطير من الهيبة والإجلال فالطير تقف على الشيء
>المثبت الذي لا يتحرك. وما كان كبار الصحابة يستطيعون أن ينظروا في وجهه
>ويصفوه لنا لشدة الهيبة والإجلال الذي كان يملأ قلوبهم وإنما وصفه لنا
صغار
>الصحابة، ولهذا السبب لم يحصل ما حصل مع يوسف عليه السلام.
>
> * * * * * * * * * * * * * * * *
>
> اللهم صل وسلم وبارك وأنعم على عبدك وابن عبدك وابن أمتك،
صفوة
>خلقك وخليلك الرحمة المهداة، نبيك ورسولك الأمين محمد بن عبد الله
الهاشمي
>القرشي، مادامت السموات والأرض وبقيت الحياة في هذا الكون، منذ أن خلقت
الخلق
>وإلى أن تقوم الساعة، صلاة وسلاماً ترضيك عنا وتليق بقدره الطاهر عندك،
>وبالقدر الذي أمرت به بقولك الحق: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَـتَهُ
يُصَلُّونَ
>عَلَى النَّبِيِّ يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ
>وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً)، وأجعلها شاهدة لنا لا علينا، وأغنمنا شفاعته
صلى
>الله عليه وسلم، يوم البعث وساعة الحشر ويوم يقوم الناس من القبور، ولا
تحرمنا
>لذة النظر إليك، وجواره الكريم في جنة الخلد، صلواتك ربي وسلامك عليه
وعلى آله
>وأصحابه أجميعن ونحن معهم يا رب العالمين. آمين.
[/font]